بقلم : يسري عبد الغني عبد الله
(1)
في انتظار الذي سيأتي .. !
نحن الآن في القرن السادس الهجري .. الناس تتكلم في المساجد والأسواق والساحات والبيوت .. في كل مكان من الشام ومصر والعراق .. الناس تتكلم عن اجتياح الفرنجة لبلاد الشام .. تتكلم عن فظائعهم ، عن انتهاكهم لكل الحرمات دون هوادة .
يقولون : إن الغارات الأوربية قد استشرى داؤها .. وانتشر بلاؤها في أقطارنا العربية بوجه عام .. وفي أرض الشام بوجه خاص .. والشام كانت تشمل سورية ولبنان وفلسطين العربية والأردن ، وجزءاً من شمال العراق ..
قال الناس : العرب والمسلمون يلاقون الأمرين من أولئك الغزاة الدخلاء الذين أقبلوا لاحتلال أرضنا واستوطانها .. ونهب خيراتنا .
إنهم يدعون كذباً وبهتاناً أنهم جاءوا لحماية الصليب وأهله ، والصليب منهم بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب ..
الناس كلها كانت تعلم أن الحروب الصليبية أو تلك الحملات الحربية التي وجهها المسيحيون في أوربا ضد المسلمين في الشرق ، كان هدفها الأول هدف اقتصادي بحت ، لن يصل إليه إلا باستخلاص الأراضي المقدسة من أيديهم .
لقد نشبت هذه الحروب خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي وعلى وجه التحديد بدأت سنة 1056 م ، وانتهت 1291 م ، وسميت بهذا الاسم لأن المحاربين الأوربيين اتخذوا في هذه الحروب من الصليب شارة لهم .
الناس تعرف جيداً أن من أسباب الحروب الصليبية ظهور الأتراك السلاجقة وارتفاع شأنهم في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي واتساع ملكهم على حساب الدولة البيزنطية ، فانتزعوا منها أرمينية و أسيا الصغرى ، بل هددوا القسطنطينية نفسها ، مما حمل الإمبراطور البيزنطي الكسيوس علي الاستنجاد بالبابا وملوك غرب أوربا وأمرائها .
ويقول الناس : عندما استولى السلاجقة على بيت المقدس عاملوا الحجاج المسيحيين أفضل معاملة ، ووفروا لهم الأمن والأمان ، ولكن الفرنجة ادعوا كذباً وبهتاناً عكس ذلك ، ودعوا بزعامة رجال الدين إلى خوض الحروب الصليبية ، كما أثارت الكنيسة حماسة الأمراء والفرسان فبدلاً من أن يحاربوا بعضهم بعضا يجاهدوا في سبيل استرداد بيت المقدس العربي لحماً ودماً .
وعرف الناس من أهل العلم : أن البابا رأى في الحروب الصليبية فرصة لمد نفوذه على الكنائس الشرقية والسيطرة على جميع العالم المسيحي في ظل حكومة دينية واحدة هو رئيسها ، كذلك رأى الأشراف في تلك الحروب فرصة لتكوين إمارات لهم في الشرق ، كما وجد الفرسان فيها ميداناً جديداً للحروب في سبيل الدفاع عن الكنيسة .
وتيقن الناس أيضاً : إن رغبة الأوربيين في الرحيل إلى المشرق أساسها الحياة الاقتصادية الرغدة في أنحائه ، كما أن المدن الإيطالية طمعت في الحصول على منتجات الشرق ومتاجره بدون وساطة .
وأكد الناس في كلامهم أن بلادنا منذ أن دخلها الإسلام لم تعرف فرقاً بين مسلم ومسيحي .. فالكل في حق الحياة سواء .. الدين لله تعالى والوطن للجميع .. فالكل أخوة ..
والمسيحية نفسها دين حب وسلام لا تعرف البطش أو العنف أو العدوان .. والإسلام كذلك دين تسامح وحب ، دين صفاء ونقاء ..
لقد أقبل هؤلاء الغزاة من الغرب يحملون في صدورهم الحقد والغيظ ، وفي أيديهم السلاح والعتاد ..
وفي أذهانهم التدبير الآثم للقضاء على أمتنا الإسلامية من أجل أن يخلو لهم الطريق .. وليفرقوا بين عنصري الأمة .. وليعزلوا الدين عن الحياة ..
ومازالت الناس تتكلم .. وتتكلم ، ومادامت الناس تتكلم فالأمر سائر إلى الخير ، معنى أن يتكلم الناس إذن عقولهم تفكر ، عقولهم تعي وتدرك وتفهم ، وقلوبهم تحس وتشعر ، وهذه هي البداية الصحيحة للفعل الإيجابي ..
الناس تحلم ، والحلم حق مشروع ، الناس في بلادنا الإسلامية كانت تتطلع إلى محرر للبلاد والعباد ، وتحرير العباد من الفقر والجهل والمرض والخمول والخوف هو البداية لتحرير البلاد من المستعمر الباطش ، أو المهيمن عليها ..
كان الناس يتطلعون إلى من ينقذ الديار من هذا السرطان الغربي الخبيث الذي يمتد في أرضنا ويتوغل .. الطامع في خيراتنا .. والهادف إلى إذابتنا فيه .. وإلى القضاء على هويتنا ..
***
.
[
الأحد 22 مارس 2020, 4:38 pm من طرف Admin
» مكتبة اسلامية رائعة
الأحد 22 مارس 2020, 4:19 pm من طرف Admin
» أفلا يستحق الحب ّّ؟
الأحد 22 مارس 2020, 2:28 pm من طرف Admin
» مسابقة ~||[ الإبداع في رمضان ]||~
الأحد 22 مارس 2020, 2:24 pm من طرف Admin
» حقــاً .. إنهـا القناعــات
الأحد 22 مارس 2020, 2:22 pm من طرف Admin
» اختبار تحليل الشخصية
الأحد 22 مارس 2020, 2:10 pm من طرف Admin
» ألغاز ولها حلول
الثلاثاء 10 مارس 2020, 11:10 pm من طرف Admin
» ألغاز فقهية ممتعة وإجاباتها
الثلاثاء 10 مارس 2020, 11:01 pm من طرف Admin
» مع مسلسلات رمضان مش حتقدر تسيبنا و تصلي ....
الأربعاء 20 مايو 2015, 1:40 pm من طرف Admin